
من سنين طويلة وأنا انسان عادي باعمل ذنوب و حسنات مع بعض بس لسة حاسس بالذنب
بحس اكتر بالذنب لما بروح خطبة الجمعة ولا اسمع الشيخ بيتكلم عن التوبة وبحس انها حاجة بعيدة خالص و صعب تتعمل خاصة اني اتعودت علي الذنوب ديه
اعمل ايه
الحمد لله رب العالمين أنه كرمك بالتوبة , و أنه كرمك بالإحساس بأهمية التوبة , وبالحرص علي السؤال علي ذنوبك القديمة , ده شئ ايجابي , يدل علي حرصك علي طاعة الله , ربنا يجمعنا جميعا في رضاه . .
سؤالك مهم , وإجابته علي الرغم من بساطتها و سهولتها فهي غايبة عن ناس كتير , و غيابها ده بيؤدي لسلسلة من التفاعلات السلبية . .
الرسول صلي الله عليه و سلم , علمنا ان شروط التوبة 3 أو 4 , حسب نوع الذنب .
تعالي نتكلم عن البنود ديه بشئ من التفصيل . .
--------------------------------------------------------------
أولا الاستغفار من الذنب مش بس تقولها بلسانك , الموضوع مش مجرد كلمتين تقولهم "استغفر الله العظيم" لكن احساس بالقلب مع اللسان . .
الاستغفار هو نوع من الاعتذار لرب العالمين , علي الذنب اللي عملته , وعلي تجرئك علي اقترافه وهو يراك .
وعلي قد ما تضع في قلبك من اعتذار , وضيق من نفسك , علي قد ما تكون مارست العبادة القلبية للاستغفار بشكل كامل , وكلما كان قلبك بعيد عن لسانك و انت بتقولها , كلما كان استغفارك خاويا مسطحا . .
نصل للبند التاني , الندم علي الذنب . .
وكأنه استكمال لنفس الشعور بالضيق من نفسك علي ما فعلته , وهو تأكيد علي أنك مش فرحان علي الإطلاق ولا فخور ولا سعيد بالذنب . .
و ديه نقطة بالغة الأهمية , المصيبة بتلاقي ناس فخورة بالذنب , بيتصور مع الكاس و هو فرحان ويحطه علي انستاجرام , هي تتصور ببلوزة ضيقة و بنطلون , او جيبة قصيرة , و تعمل update لصورتها علي الفيس , تلاقي واحد بيحكي لاصحابه في الدفعة مغامراته في الساحل , هي توصف لصاحباتها قد ايه هو كان رومانسي و حنين . .
دول هيقابلو ربنا ازاي , هيقولوله ايه وهما فرحانين و فخورين بالذنب ؟ ؟
يا تري لو حد فيه استغفر بلسانه , و قلبه لسة فرحان باللي عمله , هيكون استغفاره عامل ازاي , يا تري توبته هتكون مقبولة ؟ يا تري ربنا هيغفرله , و قلبه لسة سعيد بالذنب ؟ ؟
ان لقيت ده جواك اعرف ان عندك مشكلة لازم تتحل , لابد لابد من جواك تكون بالفعل نادم علي الذنب , حتي لو كنت استمتعت بيه . .
خد بالك الذنب ممتع اساسا , يعني طبيعة النفس البشرية بتستمتع بالذنب , مفيش مشاكل , الناس العالية قوي (ربنا يجعلنا منهم) هما اللي خلاص الذنب بقي بالنسبة لهم مصدر عذاب , لكن الغلابة اللي زينا , نفوسهم البشرية بتكون ضعيفة قدام الذنب و بتستمتع بيه . .
و بالتالي لما تحس بالندم , مفيش تعارض بين احساسك بالندم علي الذنب , مع انك استمتعت بيه بالفعل , ندمك بيكون علي تجرئك علي حق ربنا سبحانه و تعالي و مخالفتك لأمره العظيم . .
يارب تكون النقطة واضحة دلوقتي . .
---------------------------------------------------------------------------------------
النقطة التالتة , إصرارك و عزمك علي عدم العودة . .
و ديه نقطة بالغة الأهمية , في فهمها و تطبيقها . .
المسار الطبيعي اللي يلي الندم علي الذنب , انك تكون ناوي بالفعل و بشكل جاد انك مترجعش للذنب تاني . .
و النية مش مجرد كلمة هتقولها , لكن عزيمة من جواك , ونية صادقة ربنا هيطلع عليها , هل انت ناوي مترجعش تاني ولا بتتكلم و خلاص . .
خد بالك , رجوعك للذنب مرة تانية , مش معناه ان اصرارك كان مزيف , انت ممكن تكون بالفعل اصريت علي التوبة و عدم العودة , والشيطان وقعك تاني في المعصية , و هنا محتاج تتوب مرة كمان , ولو عملته تالت مرة توب تالت , ورابع و خامس و عاشر , بس مفيش مرة تعمل فيها الذنب , الا و تختمها بتوبة . .
و باتكلم عن توبة حقيقية , يعني كل مرة تبقي بالفعل مصر انك متقعش في الذنب , وتنوي بجدية و عزم . .
-------------------------------------------------------------------------------
و خد بالك من نقطة مهمة . .
ربنا سبحانه و تعالي لما يري في قلبك عزيمة حقيقية انك بالفعل عايز تسيب الذنب , ربنا هيبعدك عنه , وهتفاجئ بعد فترة إن لذة الذنب عندك قلت كتير , و رغبتك في عمله راحت , وخوفك من ربنا زاد و عظم . .
لو بالفعل نيتك جادة لله في التوبة , ربنا هيسخر الاسباب لتنتزعك من المعصية ديه , لغاية لما تكتشف انك سبتها تماما , ومش بتفكر فيها خلاص . .
و ده بيكون الدليل الأقوي علي قبول ربنا توبتك , ان لذة المعصية اللي كانت في قلبك تزول , بل و تتحول لنوع من القرف و التقزز لما تجيلك سيرتها تاني . .
لكن لو اصرارك علي ترك الذنب مجرد "تقضية واجب" بتعمله , من غير ما يكون قلبك حاضر , فهتفضل محاط بنفس الذنب , ومش هيسيبك , لغاية لما تزهق من التوبة و تكمل في الذنب بلا مبالاة . .
و الحالة ديه هي أسوء حالة ممكن توصل لها , إنك خلاص بقيت في حالة من السلام النفسي و التعايش مع الذنب ده , وبتتعامل معاه علي انه عادي جدا , نو بروبليم , والدنيا ماشية تمام . .
و الأسوء لما عقلك يبدأ يخترع تفسيرات و تبريرات تبدو ليك منطقية عشان تخليك تتعايش مع الذنب بهدوء و سلام من غير ازعاج الضمير , (ده الصلاة في القلب) , (الحجاب مش فرض مين اللي قال ), (انا مش باكدب , ديه كدبة بيضا ), (يا عم انا ببص عليها عادي بس قلبي من جوا مفيهوش اي شهوة ), (ديه مش فوايد ربوية , ديه ارباح عشان البنك بيعمل مشاريع و بتكسب ) . .
مبروك , انت كدة عديت مرحلة التعايش الكامل مع الذنب , والاستمتاع بيه , لمرحلة تبريره , واقناع نفسك انه حلال , مع إنك من جواك عارف بالفعل انه حرام بس انت عامل عبيط في ديه . .
لو انت بالفعل في المرحلة ديه اعرف انك في خطر رهيب مفيهوش هزار , تبرير الذنب و التعايش معاه آخرته أطنان من الذنوب و العياذ بالله , والمشكلة انك غالبا مش هتتوب عنها , لانك اساسا شايف انها مش ذنوب , فيه حد يتوب علي حاجة هو عارف انها مش حرام ؟ ؟
أرجوك متوصلش للمرحلة ديه , لو بتعمل ذنب بشكل مستمر , الحد الادني انك من جواك تكون عارف ان ده ذنب , وانك تكون متضايق منه , حتي لو بتعمله ,لكن تعمل فيها فيلسوف , و تخترع لي قناعات من دماغك عشان تستريح من عذاب الضمير , فانت بالفعل عندك مشكلة مش صغيرة . .
لو انت مصر علي الذنب , يبقي علي الاقل سيب في قلبك جذوة صغيرة من لهيب ضميرك , اللي مقتنع ان ده غلط ,وانك ضعيف , وانك هتسيبه , سيب النية في قلبك , وثق ان ربك هيعينك علي نفسك في يوم من الايام , لكن ارجوك لا تتبجح بإقناع نفسك انها حلال وانت عارف انها مش كدة
يعني باختصار , طالما انت مصر علي التوبة , ربنا هيرزقك المغفرة ان شاء الله , وأول ما تتعب منها و تنساها و تتعود علي الذنب , اعرف انك ماشي في طريق بعيد تماما عن ربنا , وفعلا آخرته مرعبة . .