الصعود التدريجي
الرسالة السابقة
العنوان : الصعود التدريجي
القسم: #الديني
الرقم: 20
السؤال:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بارك الله فيكم نفسي اقرب من ربنا بس مش عارفه ازاي بحاول وبرجع تاني بالرغم اني كنت ملتزمه جدا من فترة بس دلوقتي بضيع والله حجات كتير بمر بها
لدرجه اني مش عارفه نفسي عايزة ولا مالي ولا فاهمه نفسي حاسه اني شخص تاني خاصة اني اتفسخت خطوبتي من فترة و اثرت عليا جدا
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
الإجابة :
وعليكم السلام و رحمة الله . .
أكيد عارفة الحديث الجميل , لما حنظلة الأسدي , قابل سيدنا أبو بكر , رضي الله عنهما , واشتكي له ازاي انه لما بيكون مع الرسول صلي الله عليه و سلم , بيجد في قلبه حلاوة الإيمان و الخشوع الرائع , لما بيروح بيته او شغله , بيجد ان قلبه نسي اغلب الحاجات ديه , عشان كدة هو اتهم نفسه بالنفاق . .
سيدنا أبو بكر لما سمع كدة , قاله ان هو كمان يشعر بنفس الشعور ,يللا نروح للرسول صلي الله عليه و سلم نسأله علي الموضوع ده . .
لما ذهبو للرسول صلي الله عليه و سلم , واشتكو ليه , الرسول طيب بخاطرهما , وصحح لهم المفهوم اللي المفروض إحنا نحطه قدام عنينا , لما قالهم : ( والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ) رواه مسلم . .
كمان سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه , ليه جملة جميلة . .
(إن للقلوب شهوة وإقبالا وإن للقلوب فترة وإدبارا فاغتنموها عند شهوتها واقبالها ودعوها عند فترتها وإدبارها)
يعني ايه الكلام ده وده ؟ ؟
إن تغير القلوب و حالها مع المولي تبارك و تعالي , شئ طبيعي و بشري , و ليست نهاية المطاف , بس المهم ان الشخص يكون عنده الحد الأدني من المستوي الديني , اللي ميقلش عنه , او يكون راسم لنفسه خطوط حمراء معينة , لا يتخطاها . .
ولو لأي سبب تخطاها , يفوق فورا , ويتوب إلي الله توبة سريعة فورية , وقد تكون المعصية ديه , هي بوابة دخول قلبه مرة تانية لعالم التقوي . .
----------------------------------------------------------------------------------------
وأحد طرق حل المشكلة , إنك تعرفي المشكلة بدأت ازاي . .
ففي كتير من الحالات , بيكون بداية الالتزام عند الشخص بطريقة غير سليمة , وبيكون الهدف مش في مكانه . .
يعني إيه ؟
يعني المفترض إن اي شخص , يكون التزامه بالدين , وتمسكه بحدود الله , يكون ليها هدف واحد لا غير , وهو الباقة المتعلقة بـ (الخوف من الله , رضي الله , السعي وراء الجنة , الهرب من النار) , واللي بيلخصها الدعاء الجميل : اللهم إني أسئلك رضاك والجنة , وأعوذ بك من سخطك و النار . .
ده اللي المفروض يكون المدخل الوحيد للتدين , مضاف إليه جميع الخطوط المتفرعة منه , من غير ما يكون فيه اي اسباب او أهداف تانية . .
إلا إننا أحيانا بيكون هدفنا من التدين - من غير ما ناخد بالنا – حاجات تانية مختلفة شوية . .
زي مثلا : ضغط الأهل , او الحفاظ علي منظر الملتزمين و هيبة المقربين من ربنا , او نوع من تحقيق الذات اللي مش لاقيينه في طريق تاني , او عشان لقيت صديقاتي شجعوني علي حاجة معينة فانا ماشية معاهم , او اهداف دنوية تانية . .
مشكلة الشخص اللي بيدخل لعالم التمسك بدين الله , من أبواب تانية غير باقة "رضي الله و الجنة" , إن نفسه بيكون قصير , وغالبا مش بيعرف يكمل . .
ده غير إن مقدار حسناته قد يكون مختلف , والله تعالي أعلم هل هيتقبل منه الطاعات ولا لأ . .
فأول حاجة ابدئي فتشي عنها , هي ايه هي هدفك و غايتك بالتحديد من التمسك بدين الله , والحرص علي طاعته . .
و كنا اتكلمنا بالتفصيل عن النوايا و الأهداف في 3 رسائل مهمة ياريت تقريهم أعاني من الإخلاص , مشكلة العُجب , واحد في المليون
---------------------------------------------------------------------------------------
طب ماذا عن حالة "التوهان" اللي انتي وصفتيها في رسالتك ؟ ؟
انتي قلتي : مش عارفه نفسي عايزة ولا مالي ولا فاهمه نفسي حاسه اني شخص تاني . .
الكلام ده لو مجرد احساس بسيط , فممكن يتحل بعدد من الخطوات , لكن لو حاسة انه شئ متعمق في طريقة تفكيرك ووعيك , فانصحك بالذهاب لطبيب نفسي , عشان نتجنب اي احتمالية وجود بداية مشكلة نفسية . .
لو هنتعامل علي إنه إحساس طبيعي , خاص بسن العشرينات , اللي الواحد بيكون في مرحلة التخرج , لسة متجوزش , قدامه اكتر من فرصة و اكتر من اختيار , سواء استكمال دراسة , او عمل دراسات عليا او شغل او زواج او . . .
الحاجات ديه رغما عنا بتعمل نوع من اللغبطة و الحيرة و الشعور بـ "التوهان" , واللي ممكن يكون ده السبب في الشعور اللي عندك حاليا . .
فحاولي ببساطة تطبقي الكام خطوة دول , واللي هيفيدوكي بشكل كبير ان شاء الله . .
حددي لنفسك هدف واضح :
وده شئ مش سهل , وممكن تحتاجي فيه شهور , وممكن تضطري تعملي تغيير و تعديل فيه , وديه حاجة طبيعية و مفيهاش مشاكل . .
تحديد هدف لنفسك شئ مهم , انتي في سفينة و الدنيا ضلمة و مش شايفة حاجة , لازم يكون فيه نور من بعيد انتي متجهة ناحيته , عشان تعرفي توصلي , لكن لو مجرد عايشة و خلاص , فديه مشكلة مش قليلة . .
الهدف مينفعش يكون عايم , مفيش حاجة اسمها : هدفي ( رضا ربنا عليا ) , ده هدفنا كلنا في حياتنا ولازم يتم ترجمته لنقاط محددة عشان نعرف ننفذها , بدل ما يكون كلام نظري جميل جدا , بس مش بيتطبق علي ارض الواقع . .
لازم الهدف يكون ملموس , واقعي , قابل للتطبيق , تعرفي تعمليه خلال مدة معينة , وهكذا
ارجوكي اقري الرسالتين دول الثروة المفقودة , وقتي والفيسبوك , اتكلمنا فيهم بالتفصيل عن تحديد الهدف و رسم خطة سليمة لتنفيذه :
ارسمي خطة محددة تتنفذ في وقت معين :
وديه هتكون نتيجة منطقية لو انتي بالفعل قريتي الرسالتين اللي فاتو و نفذتيهم , هتلاقي الصورة بقت واضحة قدامك دلوقتي , وعارفة انتي عايزة ايه , وعارفة انتي عايزة توصليله ازاي . .
حددي نقاط قوتك و نقاط ضعفك .
يعني امسكي ورقة وشوفي فيها ايه الحاجات اللي انتي متميزة فيها (حاجات دينية او تربوية او في العلم الشرعي او الخدمي او الاجتماعي او . . . ) . .
و كمان اكتبي عيوبك , وايه الحاجات اللي بتوقفك عن تنفيذ خطتك , وابدئي واحدة واحدة في علاج النقاط ديه , هتاخد وقت ايوة , بس مفيش مشاكل , خلي الحاجة تستوي علي نار هادية و علي مهلها
استغلال وقتك بشكل سليم . .
لأن أكبر عدو ليكي هو الوقت اللي هيضيع منك في حاجات كتير , مفيش مشاكل ان يكون فيه شوية وقت يستهلك في حاجات هايفة (طالما مش محرمة) , بس العبرة انك تطلعي كل يوم بالفعل لحاجات مفيدة انتي عملتيها . .
لازم تشوفي حل لمشكلة الاكتئاب اللي ذكرتيها . .
وهو شئ مش سهل , خاصة لو كان عندك بكمية كبيرة ,او في اوقات مستمرة , لابد تلاقي حل ليها , واحنا بالفعل اتكلمنا في اكتر من رسالة في القسم النفسي عنها
---------------------------------------------------------------------------------------
طب ماذا عن مشكلة البعد عن الله ؟ ؟
هنذكر هنا عدد من الخطوات , واللي نتمني إن يكون لها تأثير ايجابي في حل المشكلة ان شاء الله . .
أولا لابد من التخلص من آلام الماضي , وبالتحديد الخطوبة السابقة . .
احنا منعرفش ايه المشكلة , وسببها ايه ,بس ايا كان , الذكاء ان الشخص يقدر يتجاوز آلام الماضي , ويخليها بالنسبة له ذكري قديمة , متعملش تعكير للحاضر الموجود , والمستقبل اللي جاي . .
تجاوز آلام الماضي سهل , لو إنتي عايزة ده , و ذكرنا في عدد من الرسائل في القسم الاجتماعي عن نصايح كتير , لو تقدري تشوفيها هتفيدك كتير
اتبعي منهج الصعود التدريجي . .
يعني خليكي مع نفسك واحدة واحدة , متستعجليش لأن الدين و الطاعة مش حرب , ولا حاجة عنيفة . .
انتي بتتعاملي مع النفس البشرية اللي هي من أصعب الحاجات اللي الواحد بيتعامل معاها , و التعامل معاها مش بيكون بالشدة او القسوة , لكن بالذكاء و الحكمة . .
نفسك البشرية – رغما عنك – عايزة الحاجات اللي بتمتعها , الكسل و الراحة و "تكبير الدماغ" , وحاجات كتير مش متواجدة الا في المعاصي . .
فلازم تكون حكيمة في التعامل معاها , وعارفة امتي تشدي معاها و امتي تكوني اهدي , امتي تعملي الشئ الصح (نفسك عايزة حاجة حرام مثلا) , وامتي تديلها حاجة هي عايزاها (عايزة تتفرجي علي فيلم كوميدي دلوقتي ) و هكذا . .
متطمحيش انك توصلي للمستوي المطلوب سريعا , مفيش مشاكل انك تطلعي السلم واحدة واحدة , و ده بياخد شهور و سنين , متنسيش مقولة احد السلف الصالح : جاهدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت . .
قائمة الطاعات و قائمة المعاصي
و ديه ممكن تعمليها حالا , امسكي ورقة و قلم , واكتبي قائمة بالطاعات و الخصال اللي عايزة في 2019 تكون عندك , و قائمة تانية بالمعاصي و المشاكل اللي عايزة تتخلصي منها في 2019 . .
وبعدها اعملي اعادة ترتيب لكلا من القايمتين ,بناء علي الاهمية والأولوية , بناء علي ايه الاهم فالمهم و الاقل أهمية . .
و بناء عليها , اطبعي القايمتين , وعلقيهم فوق سريرك , بحيث تشوفيهم كل يوم قبل ما تنامي , وتسألي نفسك عملت منهم ايه . .
و نقول تاني : امشي بالراحة , انتي مش في سباق , ابدئي مع نفسك بهدوء و متستعجليش , وخلي كل حاجة تستوي علي نار هادية . .
قولي انا هركز جدا في رقم 1 في القايمة ديه , ورقم 1 في القايمة ديه خلال شهر يناير و فبراير , وبعدها لما اكون تمسكت بالطاعة ديه كويس , وتخلصت من المعصية ديه تماما ,امسك رقم 2 هنا و هنا و هكذا
فتشي عن قلبك في العبادة . .
العبرة مش بتصلي كام ركعة في القيام ,ولا بتصومي كام يوم في الشهر , ولا بتذكري ربنا كام الف مرة في اليوم . .
العبرة قلبك موجود في دول قد ايه . .
و حاجة زي كدة محتاجة تدريب و صبر و طولة بال , و محتاجة تروقي بالك من المشاكل الدنيوية , و تصفي جدا قلبك مع ربنا. .
فيه طاعات بتساعد علي كدة , زي القيام و الخلوة بالله و الذكر في السحر , ابدئي دربي نفسك واحدة واحدة و هتلاقي نتيجة مختلفة ان شاء الله
حالك ايه مع القرآن ؟ ؟
القرآن من الأبواب الرائعة للتمسك بالدين , إحياء القلب الميت . .
ميهمنيش بتقرأي قد ايه في اليوم , يهمني كام آية فيهم بتدخل في روحك و كيانك و قلبك . .
ابدئي بكمية بسيطة , قولي في اليوم هقرأ صفحة واحدة , هي صفحة مش أكتر , فيه اسهل من كدة ؟ ؟
الصفحة ديه , اقريها بالراحة خالص , تكوني في البيت قاعدة هادية من غير اي دوشة ولا ازعاج ولا الموبايل جنبك , امسكي آية آية , وخليها تدخل في قلبك و عقلك . .
كمان ممكن تبحثي عن التفسير وأسباب النزول , تقرأي الصحابة الكرام قالو ايه علي الآيات ديه , وياريت ده يكون عن طريق كتب ورقية مش ملفات علي الموبايل , عشان ميكونش فيه اي تشتيت مع الفيس او غيره . .
فضي من وقتك هي ربع ساعة في اليوم , مش عايز اكتر من كدة , تقرأي فيها صفحة , وتفهمي كلمة كلمة , تعيشي مع آيات التخويف في سورة فصلت , العبرة في قصة سيدنا يوسف , الحال العجيب لبني إسرائيل في سورة البقرة , معاناة الصحب الكرام في غزوة تبوك في سورة التوبة , وصف الجنة في سورة الإنسان , وصف النار في سورة غافر . .
صدقيني , بس تخلي القرآن يدخل في عقلك و قلبك وتتشبع بيها روحك , هتلاقي نفسك بقيتي واحدة تانية , بس واظبي علي الكلام ده بشكل مستمر
دوري علي الصحبة الصالحة . .
يعني صديقات محترمات ,يشاركوكي في نفس الإهتمام , عشان تشجعو بعض . .
وديه حاجة مش صعبة , اكيد ليكي صديقات كتير علي خلق و دين , ويهمهم انكو تتابعو بعض في الطاعة , أومال لو كنتي عايشة في اوروبا كنتي هتعملي ايه ؟
كمان مع سهولة التواصل الإلكتروني , كل حاجة بقت سهلة , يعني ممكن تعملو جروب علي الفيس 5 بنات مثلا , وتتواصلو مع بعض بشكل مستمر و دائم , ويكون فيه تواصل مستمر منكم و متابعة دائمة . .
و في نفس الوقت , قللي علاقتك مع اي واحدة انتي عارفة انها هتضيع وقتك , او ان التمسك بدين ربنا مش من اولوياتها , النوعية ديه من الصديقات هي اللي هتفرمل اي مجهود هتعمليه عشان ترجعي لربنا . .
صدقيني , لو مشيتي علي الخطوات ديه بشكل مستمر , هتندهشي حالك بقي عامل ازاي بعد فترة . .
بس اكرر تاني , متستعجليش , امشي بالراحة و علي مهلك , المهم مش انك تلحقي بسرعة , لكن انك تحققي اللي عايزاه حتي لو اخدتي وقت
بالتوفيق يارب , وربنا يتقبل منا و منكم