top of page

واحد في المليون

left_back_arrow_blue.png
17 واحد في المليون.jpg
8888.png

الرسالة السابقة

العنوان : واحد في المليون

القسم: #الديني

الرقم: 17

السؤال:

 

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا حابه اشكركم علي مجهودكم اللي بتعملوه معانا.  ربنا يجعله في ميزان حسناتكم ويجازيكم عنا خير الجزاء.  وبصراحة انا بستفاد من حضراتكم كتير حتي من المشاكل اللي بتكون اكبر من سني بمجرد ما بقرأها بستفاد خبرة جديدة في الحياة.

 

ولكن من كام يوم كان فيه اتنين بوست عندكم. واحد اسمه أعاني من قلة الإخلاص عن «الرياء » والتاني عن «العجب »   انا من ساعة ما قرأت الاتنين دول انا بقيت قلقانه وبشك في كل عمل بعمله او عملته من قبل.

 

يعني الدرجة اللي حضراتكم بتتكلموا عنها مش هقولكم صعب ان حد يوصلها لكن هقول إن واحد في المليون اللي ممكن يكون كده. 

 

يعني مثلا كان فيه نقطة في البوست لحضراتكم بمعني « إن الانسان لو عمل شئ وكانت النية خالصة لله ولكن الناس مدحته وهو بص للارض بخجل وتواضع واعجب بمدح الناس ليه » فده في حد ذاته ممكن يضيع ثوابه. 

 

طب ازاي يضيع ثوابه والانسان شئ طبيعي انه يفرح من جواه لسماع الكلام الطيب.  مش بمعني انه يعجب بنفسه وبعمله او يتكبر. لكن بمعني انه بيفرح لان ربنا وفقه وهداه لعمل صالح.   وغصب عنه بيحس بسعادة في قلبه.  يبقي ازاي يضيع عمله وهو لم يقصد بالفرح الداخلي التعالي والتكبر.  وفي النفس الوقت كان قاصد بهذا العمل وجه الله وعارف انه بدون توفيق الله ولا شئ.

 

طبيعي اننا نفرح من جوانا ماهو ربنا عز وجل قال «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا » دي نقطة

 

النقطة التانية كانت في موضوع «العجب »

 

كان مذكور كلام بمعني ان ممكن عملي يضيع حتي وانا لوحدي ومن غير الناس ماتشوفني لمجرد إني أشعر بالسعادة وأفرح بعملي.

 

ده برضو شئ طبيعي اننا نشعر بالسعادة لان ربنا وفقنا لعمل صالح.

 

يعني مثلا ممكن أقرأ قرآن وانا لوحدي بعدها احس بسعادة داخلية من جوايا ودي بتكون بسبب حلاوة القرب من الله وإنك تشعر بيه جواك لكن من جوايا بكون عارفة اني بدون توفيق ربنا ولا شئ ومش بحس اني احسن من حد بعملي ده. بالعكس. بقول اني كنت ممكن مقدرش اعمل الشئ ده لولا أن منا الله علينا .  يبقي ليه ثوابي يروح وهل ده كده يبقي رياء او شئ من العجب ؟!

 

انا من ساعة ماقرأت البوستين دول وانا حاسه بخوف جوايا كبير

 

خايفة يكون كل شئ عملته ضاع واجي يوم القيامة ألاقي كل اعمالي هبآءا منثورا.

 

بقيت حاليا لو جاتلي الفرصة اني اساعد حد ببعد ومش بساعد لان العمل ده ممكن يكون قدام الناس وخايفة لو عملته يكون فيه رياء وفي نفس الوقت كل ما افتكر اني اتخليت عن المساعدة ضميري يأنبني واتعذب اكتر وافتكر اني هتسأل من ربنا يوم القيامة لاني اتخليت عن المساعدة

 

انا مش عارفة اعمل ايه وبجد نفسي افهم مقصدكم الحقيقي من الكلام ده. يعني المفروض ان الدين ايسر من كده وان احنا بنرجوا ان يعاملنا الله بفضله وليس بعدله او علشان احنا نستحق .

 

 

للاسف بالفعل غلطت وعملت كده. لان المساعدة دي كانت هتكون ظاهرية يعني قدام الناس وانا خوفت ووصل بيا الشك إنها ممكن يكون فيها ولو 1% من الرياء او العجب. وعشان كده ابتعدت عنها ولحد دلوقت كل ما بفتكرها بتألم من جوايا وبحس ان ربنا هيحاسبني عليها لانها ماكنتش حاجه واحد بس وبقيت خايفة ان كل اعمالي اللي فاتت تضيع

 

عموما ألف شكر لحضراتكم وانا هستني الرد كامل

 

*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

 

الإجابة                    :

 

 

أهلا بيكي

 

شوفي يا ستي

 

اولا انتي غالبا قصدك علي المشكلة رقم 9  والمشكلة رقم 10 

 

 اخشي تكوني عملتي خلط بين نقطتين قريبين من بعضهم شوية , وبالفعل فمع ان النقطتين متقاربين جدا في المفهوم , الا ان الفرق بينهم شديد الاهمية عشان نعرف نميز بين الرياء المذموم و بين اشياء تانية غير مرفوضة .

 

و النقطتين هما  :  النقطة الإيجابية : الفرح ان ربنا وفقه و قدر يعمل طاعة معينة , وده خلاه قريب من ربنا اكتر, و النقطة السلبية :  ان هو من جواه يحس انا قد ايه جامد اني عملت الحاجة ديه . .

 

النقطة الاولي شئ طبيعي و ايجابي , والنقطة التانية شئ مرفوض و ممكن بالفعل يدمر الثواب تماما . .

 

و انا اوافقك ان المعنيين قريبين من بعض كتير ,و ده اللي بيعمل خلط عند كتير من الناس  . .

 

عشان كدة لازم نتكلم بالتفصيل عن كل واحد فيهم علي حدة . .

 

 

--------------------------------------------------------------------------

 

النقطة الاولي المتعلقة ان الانسان يفرح انه عمل طاعة لله , ده بلا شك شئ ايجابي , واحنا مطالبين بيه .

 

وده بالفعل كان حال الصالحين , واللي كان الواحد فيهم يشجع نفسه علي الطاعة و البذل , ويلوم نفسه بشدة علي اي معصية او تقصير , بل ان لفظ "النفس اللوامة" يأتي من النفس اللي بتلوم صاحبها علي معصية الله , و ومن الناحية التانية يكون تشجيعها علي الطاعة . .

 

فإن الشخص من جواه يفرح انه اطاع ربنا , ده شئ ايجابي مفيهوش مشكلة , ولكن . .

 

ولكن لابد ان يمزج بنوع من القلق , القلق من عدم القبول , حتي بعيدا عن مفهوم الاخلاص او الرياء .

 

والقلق ده  , هو حال الصالحين من ان ربنا ميتقبلش اي عمل هما عملوه , لسبب ما . .

 

ربنا لما ذكر في سورة المؤمنون : "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ" , قال ابن كثير في تفسيره : الذين يعطون العطاء وهم خائفون ألا يتقبل منهم ، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء . وهذا من باب الإشفاق والاحتياط  .

 

حتي ان السيدة عائشة رضي الله عنها لما سمعت الآية , سألت الرسول صلي الله عليه و سلم , و قالت : يا رسول الله ، ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ) ، هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر ، وهو يخاف الله عز وجل؟ قال : " لا يا بنت أبي بكر ، يا بنت الصديق ، ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق ، وهو يخاف الله عز وجل " .

 

واخدة  بالك من أهمية الواحد من جواه يكون عنده خوف من عدم القبول , حتي لو كان عمل المستحيل في الطاعة . .

 

وهي ديه المعادلة الصعبة اللي الواحد لازم يراعيها في الموازنة بين "الخوف" , و "الرجاء" , الواحد يخاف من ربنا و من غضبه – حتي لو كان مقيم علي الطاعة ليل نهار -  وكمان يكون عنده امل في ربنا كبير جدا   - حتي لو كان مقيم علي المعصية . .

 

الخوف لوحده من ربنا غلط , الشخص هيحس بنوع من القنوط و اليأس , والرجاء لوحده غلط , الشخص هيحس ان الدنيا سهلة  ,واعصي ربنا براحتك لان ربنا هيغفرلك متقلقش , ده غلط و ده غلط . .

 

كويس ايوة الواحد يفرح انه اطاع ربنا , لكن بقدر لا يتعارض مع الخوف اللي لازم كمان يحس بيه تجاه ربنا سبحانه و تعالي ,  عشان كدة ربنا ذكر في سورة الاعراف "وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ" , ده مع ده

 

 

------------------------------------------------------------------------------

 

طب كل ده كان النوع المسموح بيه من الفرح , واللي ممكن يكون بمقدار معين مش كبير . .

 

ماذا عن النوع اللي هو في اصله غلط , وغير مقبول , وبياكل في الحسنات اكل ؟ ؟

 

هو ان الشخص من جواه يحس ان :  يا سلام , ده انا جامد قوي , شوف يا اخي خطبة الجمعة اللي انا قلتها رنت ازاي في الجامع  , شوف الناس كانو مركزين معايا ازاي ,  اكيد ديه كانت احسن خطبة سمعوها من شهور , ربنا يبارك فيا يا رب . .

 

عارفة الاحساس ده ؟ شايفه ان هدفه اصلا من البداية او حتي من نص العمل , مكانش لله . .

 

حتي لو كان بدأ العمل بإخلاص حقيقي لله , وفي نص العمل او بعد نهايته , فمن مدح الناس ليه , قام هو حس قد ايه هو جامد , وقد ايه هو كويس , وازاي ان الطاعة بتاعته كانت رهيبة . .

 

عارفة مشكلة ديه الاساسية ايه ؟ ؟

 

ان القلب بيكون منصرف عن الله . . مش شايف الجنة اللي ربنا وعد بيها المطيعين , ولا شايف رضا ربنا اللي هو المفروض يكون هدفه الاصلي .

 

قلب الشخص ده اعجب بفتات من الدنيا , وهو المدح و شكر الناس ليه , وغفل تماما عن المولي تبارك و تعالي .

 

عشان كدة لما ذكرنا الحديث بتاع اول من تسعر بهم النار ثلاث  ,ان لما ربنا سأل الاول , فرد الشهيد : (قَاتَلْتُ فِيكَ حَتّىَ اسْتُشْهِدْتُ) , فربنا سبحانه و تعالي قال : (قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ) , المولي تبارك و تعالي اطلع علي نيته و علي قلبه , وعلم ان من جواه كان فيه دوافع تانية للقتال , انه يتقال عليه ده : أسد المعارك , يتقال عليه : مقاتل لا يرحم , كان الشخص ده بيهجم علي الاعداء مش عشان يعلي كلمة الله , ومش طمعا في جنته , لكن عشان الناس لما تشوفه تتحاكي بقصصه و شجاعته .

 

فديه المشكلة اللي لازم نتجنبها , ان الشخص من جواه يفرح انه : جامد , وانه : يا سلام عليا مفيش زيي , وهكذا .

 

---------------------------------------------------------------------------------

 

و خدي بالك ان ده مرتبط جدا بالكبرياء , ان الشخص ده لما يستمر في ادمان الاحساس انه جامد و رهيب بالطاعة اللي بيعملها , رغما عنه هيشعر بنوع من الاختلاف بينه و بين باقي الناس , وان هو : بتاع ربنا , مش زيكم يا عامة الناس , ده انا ربنا راضي عني وانتم ربنا اعلم بحالكم .

 

الشعور ده مصيبة كبيرة , ده كارثة ,  ده دخل في مساحات مظلمة لا يعلمها الا الله , وفورا لازم تلاقي تعامله مع الناس بقي تعامل زبالة . .

 

شوفي الحديث في صحيح مسلم  , اللي بيحذر من الكبرياء . .

 

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار )

 

 

قارني بين الشعور ده , وبين الرسول صلي الله عليه و سلم لما كان يقوم بالليل حتي تتفطر قدماه , يعني بيكون فيهم زي الورم من طول القيام .

 

الحديث كما روته السيدة عائشة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ((أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا))

 

اهو ده بقي اللي احنا عايزين نعمله , لما نعمل طاعة , نكون من جوانا مرعوبين ربنا لا يتقبل منا , وفي نفس الوقت لو حد مدح فينا ولا قال كلمة , يبقي انا من جوايا عايز اقوله , انت لو تعرف اللي فيها , لو تعرف انا حقيقتي ايه , كنت رمتني بالشبشب في وشي .

 

هل المعني بقي واضح دلوقتي ؟ ؟

 

------------------------------------------------------------------------

 

ننهي كلامنا بالرد علي سؤال انتي قلتيه , ان الحال ده شبه مستحيل , احتمال واحد في المليون , طب نعمله ازاي . .

 

انا عارف انه صعب , بس مش مستحيل , وغالبا بيكون متعب جدا للشخص اللي مش متعود علي الاخلاص , ومكانش بيطبقه لعدم علمه بيه , او عدم ادراك اهميته .

 

ففي البداية الموضوع بيكون  عذاب انا عارف , بس ربنا بيسهل علي الشخص تدريجيا  ,لما يجد في قلبه انه مهتم بالفعل , وانه عايز يوصل للاخلاص .

 

احنا ختمنا رسالة الاخلاص بالاية الاخيرة من سورة العنكبوت , وهي  : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)

 

وقلنا ان ربنا سبحانه و تعالي لما يجد في قلب الشخص النية الصادقة , والتعب المستمر , ربنا هيعرفه الطريق , ربنا هينور له السكة , عشان يعرف هيعمل ايه .

 

فمحدش يكون قاعد مريح و ميحاولش اصلا  ,وسايب نفسه يستمتع بالكلام اللي يتقاله , ويقول ما انا مش عارف اعمل ايه , قوم يا ريس و حرك نفسك و اتعب و حاول , وربنا هيعرفك الطريق , لكن وانت قاعد مش هتعرف اي حاجة . .

 

ايوة الموضوع متعب , بس مش لازم نجيب 100 % فيه , خلينا نعمل اللي نقدر عليه , خلينا نبدأ بـ 50 %  , ونحاول نزودها واحدة واحدة لغاية لما ربنا يري في قلوبنا الرغبة الحقيقية في طاعته .

 

و بالطبع اياكي انك تسيبي اي طاعة او عمل خير خوفا من الرياء , ده شئ بعيد عن نهج الرسول صلي لله عليه و سلم , والا مكانش الحصري بيمتعنا بصوته الخلاب في تلاوة القرآن , والا مكانش صلاح الدين جيش الجيوش لتحرير القدس , والا مكانش البخاري بذل عمره كله في تصحيح الاحاديث , و الا مكانش الاف الشباب العربي ضحو بحياتهم عشان تطهير بلادنا من الاستبداد اللي فيها . .

 

متسيبيش اي طاعة او عمل يرضي ربنا , لكن دايما حطي الاخلاص في بالك , فكري فيه ليل و نهار , ركزي فيه جدا قبل و اثناء و بعد العمل , اشغلي بالك بيه , وهتلاقي شوية شوية بقي الموضوع سهل .

 

و صدقيني , علي قد ما تركزي فيه , وتهتمي بيه , وتفتكريه اساسا , علي قد ما هتعملي فيه نجاح , وعلي قد ما هتهمليه , وتفتكريه اخر حاجة , وتتعاملي معاه بتساهل , علي قد ما هتلاقيه بيضيع من ايديكي

 

ربنا يتقبل منا و منكم , يرزقنا الاخلاص دائما يا رب . .

 

 

الرسالة التالية

bottom of page