
العنوان : حالة إحباط
القسم: #النفسي
الرقم: 02
السؤال:
بقالي كذا سنة من ساعة ما جبت مجموع وحش في ثانوي ومعرفتش ادخل هندسة و اضطريت ادخل علوم . وانا عندي حالة من الاحباط يعني مليش نفس اعمل اي حاجة . لا مذاكرة ولا خروج ولا اي زفت . حاسس ان خلاص الدنيا قفلت في وشي و حلم عمري راح . و شكلي هسقط السنادي عشان مش عارف اذاكر
اعمل ايه
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
الإجابة :
شوف يا سيدي . .
غالبا بيكون فيه دورة حياتية بنعاني منها , وهي اللي بتصنع الإحباط وهي :
-
وجود هدف معين تكون عايزه بشدة و لا بديل عنه
-
وجود أمل في الوصول لهذا الهدف
-
ظهور عقبة مفاجئة او تدريجية تجعل الوصول للهدف مستحيل , أو بالغ الصعوبة
-
عدم وجود بوادر أمل للوصول لنفس الهدف من طرق مختلفة
فلو قلنا مثلا ان فيه شاب دخل الجامعة , وشاب بنت جميلة و عجبته , وحبها من أول نظرة (مع إننا قلنا ان ده كلام مش منطقي بس نعديها) , وبدأ يكون عنده حلم انه يتقدم للبنت ديه و يتجوزها , ديه الخطوة الأولي , وجود الهدف نفسه
نوصل للخطوة التانية , إنه اتعرف عليها فوجد انها مناسبة , و محترمة , بل و حس انها مرحبة بيه انه يتقدملها , هنا اتحقق الشرط التاني , وهو وجود أمل في الوصول للهدف
عارف ان هو لو بدأ يتعرف علي البنت و لقاها مثلا متجوزة, أو مخطوبة , او من أسرة مستواها المادي بعيد تماما عن مستواه , او حتي هي مناسبة بس هي مش مهتمة بيه , فهنا مش هيصيبه الإحباط , لأن الإحباط بييجي لما يكون عندك أمل أصلا , وجود استحالة لتحقيق الهدف من البداية ممكن يصيبه بالحزن , وغالبا هيكون حزن مؤقت سريع الزوال , لكن مش هيصاب بالإحباط , الإحباط بس بييجي لما يكون عندك أمل . .
نوصل للخطوة التالتة , ان هو يروح يتقدملها , وهنا تظهر عقبة معينة , سواء عقبة مفاجئة زي ان ابوها يرفض تماما , او امه تغضب عليه لو فكر يتجوزها و يسيب بنت خالته , او اي عقبة مماثلة , او حتي عقبة تدريجية , زي انه يتم الخطوبة , وخلال شهور الخطوبة تظهر عقبات اقتصادية او نفسية او ايا كان اللي تمنع الزواج
هنا يبدأ عقله يبحث عن أي حل او مخرج , ويبحث عن بدائل للوصول للهدف اللي بيحلم بيه , ولما يجد ان فيه استحالة للوصول للهدف , هنا يبقي اكتملت اركان الإحباط بامتياز . .
لو كانت اي حلقة من حلقات المربع ديه اتكسرت , لاختفي الإحباط , لو مكانش عنده هدف من البداية , او مكانش فيه أمل لتحقيقه , او مكانش فيه عائق , او كان فيه حل بديل , وقتها مكانش هيظهر الإحباط . .
لو انت كنت شفت الفيلم الأمريكي (Dark knight rises ) كنت هتلاقي المعني ده متجسد في نص الفيلم تقريبا , لما كريستيان بيل اتحبس في حفرة عميقة جدا وواسعة جدا مع عدد كبير من المساجين , وشايفين من بعيد نور الشمس بس مستحيل يطلعو , فواحد من المساجين قال لكريستيان بيل : إن العذاب كله اننا بنشوف نور الشمس و مش عارفين نوصل , اننا عندنا الأمل و مش عارفين نهرب , ياريت مكانش عندنا أمل اصلا كنا استريحنا . .
---------------------------------------------------------------------------
وده اللي حصل معاك . .
من وانت صغير كان عندك هدف واضح و محدد , هو دخول هندسة, ومن الواضح انه كان مستحوذ عليك بالكامل , وكدة اتحقق الشرط الأول
و لما دخلت ثانوي , ظهر الأمل في دخول الكلية و تحقيق حلمك , و كان واضح انك متفوق و بتذاكر كويس , وده اللي زرع الأمل عندك أقوي , وخلي حلم دخول هندسة بقي أقرب جدا , وبقي ملموس , وبقي ممكن و قابل للتحقيق , ولا شك انك عشت شهور طويلة بتحلم بالمسطرة حرف تي , و البرجل , ولوح الرسم الهندسي , و الشيتات اللي تتسلم , وانك تسهر بالليل تنقل التقارير المطلوبة من اصحابك , ويا تري هدخل مدني ولا اتصالات ولا ميكانيكا , وكدة اكتمل الشرط التاني
ولما ظهرت نتيجة الثانوية العامة – و اللي مش دايما بتعبر بالفعل عن مستوي الطالب – ظهرت الصدمة , ان مجموعك مجابش اي هندسة في اي محافظة , واللي يغيظ ان مجموعك كان كويس , بدليل انك دخلت علوم , فمن الواضح انها فرقت معاك علي حاجات بسيطة وكنت تلحق هندسة , وده اللي عمق الألم فيك أكتر , وخلي الشرط التالت واضح للغاية
واكيد انت دورت علي بدائل للدخول , زي هندسة خاصة , او منح في دول تانية او اي طريقة لدراسة هندسة , ومن الواضح انك لقيت الدنيا مقفلة تماما, بسبب المصاريف او متطلبات تانية انت معرفتش تحققها . .
و مع فشلك في ايجاد بدائل , اكتمل مربع الإحباط حواليك , وصنع داخلك المعاناة المستمرة , واللي غالبا مش هتختفي بسهولة , مالم انت تعالجها بشكل علمي و سليم
---------------------------------------------------------------------------
و غالبا ما بيكون علاج الإحباط , بكسر الحلقة الأولي منه , وتغييرها و إعادة ضبطها . .
فباعتبار ان الحلقة التانية (وجود الأمل في هدف معين) هو أساسا شئ صحي في التعامل مع الحياة , فعدم وجود أمل يجعل الواحد أقرب ما يكون للانتحار و التخلص من حياته عديمة الجدوي زي ما هو شايفها
و الحلقة التالتة (العقبات ) مش هتنتهي في الحياة ,مالم تكون انت أمير مقاطعة ويلز في بريطانيا و كل اللي بتطلبه متاح . .
و الحلقة الرابعة (البدائل) برضه ممكن تكون غير متاحة في كتير من الأمور
فبيتبقي الحلقة الأولي و هي التي تمثل مربط الفرس في التعامل مع الإحباط . .
من وانت صغير وحلم تكون مهندس مستحوذ عليك , وديه الحاجة اللي لازم تغيرها من دلوقتي , عشان تعرف تواصل حياتك . .
و تغييرها بيكون كالتالي : ان انت كنت عايز تبقي مهندس عشان مجموعة من النقاط و المميزات المرتبطة بالمهندس , زي الوجاهة الاجتماعية (الباشمهندز راح , الباشمهندز جه) , فرص العمل المتاحة , المرتب الكبير , تحقيق الذات اللي كلنا بنسعي اليه . .
اغلب الحاجات ديه ممكن تحققها بسهولة من طرق تانية , سواء من علوم او غيرها , حتي لو خدت وقت اكتر , او طريق اصعب . .
يعني انت لو ركزت كويس في الكلية , و قدرت تتفوق فيها , وعرفت تجيب تقديرات عليا , فاحتمال انك تتعين معيد في الكلية , وفيما بعدها مدرس مساعد ثم مدرس ثم استاذ , هتكون وصلت لأهداف أعلي من اللي حظي بيها اي مهندس
بدل ما كنت عايز بتقبض رقم معين , هتقبض اضعافه , بدل ما كنت عايز وجاهة معينة , هتاخد اكتر منها . .
طيب معرفتش تبقي معين , ماذا عن فكرة تحضير دراسات عليا علي حسابك في الكلية , والدراسات العليا في الجامعات المصرية تعتبر ببلاش بالنسبة لمصاريفها في جامعات اوروبا و امريكا , يعني الموضوع عايز منك وقت و جهد . .
وحصولك علي ماستر ثم دكتوراه , هيعطيك نفس المميزات اللي كنت عايزها من هندسة و اكتر , وفرص عملك بل و السفر للخارج هتبقي هايلة . .
ماذا عن فكرة تطحن نفسك انجليزي و تقدم لهجرة كندا او استراليا او نيوزيلاندا . . .
ماذا عن فكرة تتعلم الماني كويس جدا , وتقدم علي ماستر في جامعة المانية . .
ماذا عن فكرة تتعلم برمجة مع نفسك , و تشتغل فريلانس مبرمج , واللي هيفتحلك افاق اوسع مما تتخيل . .
عندك عدد كبير من الطرق للوصول للي انت عايزه , حتي لو تم عمل تغيير في الهدف بشكل ما . .
صحيح الطرق متعبة و صعبة ,بس مين قال ان اصلا هندسة سهلة , او انك لو اتخرجت من هندسة و انت كسول انك هتعرف تشتغل في مكان عدل ؟
تقدر توصل للي انت عايزه , بس اول ما تزرع جواك الأمل من جديد ,انك تقدر توصل للي انت عايزه