top of page

عندي وشين

left_back_arrow_blue.png
57 عندي وشين.jpg
8888.png

الرسالة السابقة

العنوان : عندي وشين

القسم: #النفسي

الرقم: 57

السؤال:

 

 

انا من البنات اللي لما بكون مع صحباتي في الكلية مش ببطل ضحك  و اتريق علي اي حد و اقلب اي حاجة لكوميديا بس لما باكون لوحدي في البيت مش بيكون ليا نفس اضحك او اهزر ابدا او حتي اشوف اي حاجة كوميدي  ده احيانا اقعد بالساعات كدة مع نفسي افكر في حاجات حزينة  احس بضيق في نفسي و اعيط احيانا

 

 مش عارفه هل الاحساس ده ليه علاقة بكتر الضحك عندي ولا لا و نفسي اعرف ده علاجة ايه

 

*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

 

الإجابة                    :

 

 

ايوة ليه علاقة , بس بشكل جزئي مش كامل . .

 

ببساطة انتي لما بتكوني مع صديقاتك , انتي بتصنعي جو من البهجة و الفرح وسطهم , وبيكون ليكي دور رئيسي فيه , ولما بترجعي البيت لوحدك بتحسي بحاجتين بالتوازي  . .

 

أولا إحساس بالخواء , والفراغ , فلأن شخصيتك من الشخصيات المدمنة علي الاجتماعيات , و بتستمتع بالتعامل مع البشر , وأبعد ما تكوني عن الإنطواء , فالانتقال من ضجيج الاصدقاء و ضحكاتهم المجلجلة , لسكون البيت و خواءه وصمته , ده بيصنع نوع من الضيق النفسي حواليكي , واللي بيضغط علي أعصابك , وبيجعلك لا شعوريا تمارسي نوع من الإيلام الذاتي المتعمد , في التفكير في الحاجات الحزينة و الكئيبة . .

 

ثانيا  : إن تم بالفعل استنزاف أغلب طاقتك في الفرح و الضحك , والشخص لما بيستمر في التعاطي مع مشاعر محددة فترة طويلة , بيصيبه نوع من التشبع والزهد فيها , واللي تخليه لا شعوريا يبحث عن مشاعر مضادة تصنع داخله نوع من التوازن . .

 

أي إن النقطة الأولي سببها عدم وجود مصادر الكوميديا لما انصرفتي للبيت , والنقطة التانية سببها انك استهلكتي كمية كبيرة من القدرة علي الضحك بالفعل لما كنتي معاهم  . .

 

 خلينا نقول ان إحساس الشخص بالحزن في حد ذاته , هو شئ صحي , طالما كان بكمية معقولة , ولوقت مناسب , والا فالإنسان هيتحول لحائط بارد بدون مشاعر , فمش معقول يكون فيه مشكلة عند صديقتك او قريبتك وانتي مش حاسة بالحزن معاها , أو الأنكي إنك انتي تصابي بمشكلة حقيقية أو تقصير في أحد جوانب دينك أو حياتك أو مذاكرتك , و تتعاملي ببرود و استهتار مع المشكلة . .

 

بس الفارق بين الحزن و الاكتئاب , إن الأول مشاعر طبيعية , وجودها بيكون ضروري أحيانا , ومفيد احيانا أخري , وهي قد تكون دافع للنجاح (الشخص يحزن انه سقط في الكلية فيصر علي المذاكرة بجد السنة التالية) او علي الاقل ان مكانتش هي دافع للنجاح فمتكونش مانع انه يواصل حياته (الشخص اللي يموت والده , يحزن فترة محدودة و يمارس حياته بشكل طبيعي بعدها)

 

لكن الإكتئاب مختلف , وهو شئ غير صحي ولا مفيد ولا نافع علي الإطلاق , هو ببساطة النسخة السلبية و المدمرة من الحزن , يعني لما يزداد (الكم) و(الكيف) في نفس الوقت . .

 

---------------------------------------------------------------------------

 

عشان نفهم الفرق بينهم , تعالي نقارنه بالحزن . .

 

لو (أ) أمها ماتت وهي شعرت بالحزن , معناها انها بكت عليها كتير , ومش قادرة تفكر في الحياة بعدها , وكل ما تشوف ملابس او حاجة متعلقة بامها تعيط عليها تاني , ومتروحش الكلية ساعتها . .

 

لكن خلال كام يوم او كام اسبوع , يبدأ الحزن يخف تدريجيا , يكون فيه عياط ايوة  ,بس مش بالكمية اللي كان في الاول , و يكون فيه نوع من العودة التدريجية لنواحي الحياة . . بعدها يحصل عودة شبه كاملة لأساسيات الحياة (باستثناء الحاجات المفرحة زي الخروجات او المصيف) , ويكون عليها لمسة من الحزن  . .

 

و يمكن بعد سنة مثلا , ترجع (أ) لحياتها الطبيعية كاملة , مع بقاء لمسة حزن بسيط  ,لما تفتكر أمها , كل ده كان الشكل الطبيعي و المقبول من الحزن . .

 

لكن لما (ب) أمها ماتت كان رد الفعل مختلف ممكن تكون صرخت في جنون مش مصدقة , او تكون انهارت علي الارض من البكاء , او تكون سكتت مصدومة مش مصدقة , مش مشكلة رد الفعل الأولي , لأن حتي الناس اللي بتحزن حزن طبيعي انساني , ممكن يكون رد فعلهم الاولي صعب جدا . .

 

لكن بعد مرور ايام و اسابيع تطورت الحالة , و يا اما دخلت في نوع من الخرس الحياتي (يعني مش بتتكلم الا اقل القليل) , او الزهد في الدنيا (تاكل و تلبس و تخرج اقل ما يكون) , او الاكتئاب المستمر (عايشة في دوامة الحزن و البكاء) . .

 

و تلاقيها وقفت اغلب انشطة حياتها , مفيش كلية , او ترجع الكلية بجسمها من غير عقلها او روحها , مفيش خروجات , مفيش مذاكرة , مفيش شغل , مفيش حياة . .

 

ديه من أعراض الإكتئاب اللي بتصيب البعض من حدوث صدمات مؤلمة في حياته , احيانا بيخف منها بعد فترة  , واحيانا بتستمر سنين , و حتي لو خف منها فهو مش بيرجع زي الأول أبدا . .

 

---------------------------------------------------------------------------

 

اللي عندك حتي الان هو الحزن , لسة  موصلتيش للإكتئاب , بس انا اخشي انك ممكن توصليله . .

 

أني أخشي ان يكون الضحك اللي بيتمارسيه بشكل يومي , ميكونش من قلبك  وروحك , قد ما هو ببقك و حنجرتك . .

 

و الفرق  مهم تعرفيه , ممكن شخص يقعد يضحك مع اصحابه ساعات طويلة , بس هو من جواه حزين , فهو مجرد بيجاريهم , يبدو عليه السعادة , لكن من جواه لازال الحزن متوطن في قلبه . .

 

مش هاقدر أقيم حالتك هي كدة بالتحديد ولا لا , مالم اعرف مزيد من التفاصيل عن ظروفك و حياتك و اسرتك . .

 

بس الشاهد إنك حاليا انتي بتنتقلي من حالة الضحك (مش لازم يكون الفرح بالضرورة) لحالة الحزن  , والانتقال اليومي ده هيسبب فيكي اثر سلبي مش قليل , وهتظهر نتيجته خلال شهور . .

 

لما يزيد الضغط النفسي عليكي , يا اما تنقطعي تماما عن الجلوس مع صديقاتك , وتتحولي لشخص انطوائي , غير محب للجلوس مع البشر او معاشرتهم

 

أو إنك تستمري في التواجد مع صديقاتك , بس هتتغيري شوية بشوية , و انك تتحولي من شخصية كوميدية مرحة , لشخصية ساخرة حادة , ولو فيه ضحك هيكون بس تريقة من الناس , بلمسة احتقار تصيب الجميع , و هنا هتلاقي نفسك شخصية غير مرحب بيها عند كل صديقاتك , وغالبا  انتي هتقولي احسن , دول اصلا عالم زبالة . .

 

بقائك علي الوضع الحالي خطر , لانه هيغيرك وانتي مش واخدة بالك . .

 

---------------------------------------------------------------------------

 

طب والحل ؟

 

الحل في الكلمة السحرية اللي بتحل أي شئ : التوازن . .

 

انتي عشان زودتي العيار شوية في جانب الكوميديا , فبيقلب معاكي بغم لما تروحي البيت , يبقي لازم تعملي إعادة ضبط للمقدار المناسب . .

 

يعني ابدئي برمجي نفسك علي إنك تتناولي المواضيع بشكل كوميدي أقل , من ناحية الكم و الكيف , كلامك عن الحاجات بشكل ساخر يكون اقل , تتكلمي في مواضيع جادة , و تفرملي نفسك عن أي تناول ساخر زيادة عن اللزوم . .

 

خدي بالك اول ما هتبدأي تعملي كدة صديقاتك مش هيصدقو إنك بتتكلمي بجد , وهيحسبو أنك بتكملي هزار , أرجوكي لا تسقطي في فخ انك تكملي بسخرية , فعلا ابدئي اتكلمي بشكل جاد في بعض الأحيان , ولو صعب عليكي امسكي مواضيع أصلا مفيهاش مجال للهزار , زي الثورة السورية , مأساة فلسطين , قصص الأنبياء و هكذا  . .

 

انتي كدة قللتي شوية عيار الكوميديا مع صديقاتك  , هايل , نيجي بقي اننا نزود عيار الكوميديا لما تكوني لوحدك , ديه مهمة برضه عشان نحقق كلمة السر : التوازن . .

 

لما ترجعي البيت شوفيلك فيلم لاسماعيل ياسين , مسرحية بتعجبك , رواية كوميدية , اتصلي بواحدة صاحبتك و هزري معاها , وهكذا  ,بس متسيبيش نفسك فريسة لشياطين الإكتئاب , واللي هتكون سعيدة انها تفترسك لما تكوني لوحدك . .

 

لما تعيدي ضبط الكميات المناسبة , تقللي الكوميديا لما تكوني مع صديقاتك ,  وتزوديها لما تكوني لوحدك , هتلاقي نفسك اتحسنتي

 

---------------------------------------------------------------------------

 

نقطة أخيرة و مهمة . .

 

في رسالتك انتي قلتي (مش ببطل ضحك واتريق علي اي حد) , أنا أخشي انك تكوني من النوع الساخر ذو اللسان اللاذع , واللي مش بيرحم حد من ناحية السخرية و التهكم  . .

 

و مشكلة المتعود علي ده , أثرين خطيرين , واحد نفسي و التاني اجتماعي . .

 

بالنسبة للاثر الاجتماعي انك هتلاقي واحدة واحدة صديقاتك هينفرطو من حواليكي , اكيد محدش بينبسط لما يتم التريقة عليه كتير , ولما يقع تحت لسانك الغير رحيم , هتلاقيهم واحدة واحدة بيتجنبو لقائك و الجلوس معاكي ,  لغاية لما تبقي إنسانة وحيدة الكل بيتجنبها . .

 

الاثر النفسي الخطير ان ده بيصنع عندك نوع من القناعة الخاطئة , ان كل شئ يتم تناوله بالسخرية , وهتلاقي نفسك لا شعوريا بتطبقي الاسلوب ده في غير اماكنه , لو الدكتور عاتبك علي حاجة في المدرج يا اما تردي عليه بتريقة  ,او علي الاقل تبصيله نظره استهجان , لما امك تكلمك في حاجة مهمة هتردي الكلمة بكلمة , لما صديقتك تنصحك نصيحة لله هتهزقيها بكلمة مش كويسة , وده اللي هيصنع منك آنسة جميلة شكلها , ومسخ آدمي روحا , و هتلاقي كل تناولاتك في الحياة بتتم بشكل خاطئ تماما . .

 

كثرة السخرية هي أول خطوة في التعامل باستهتار في كل نواحي الحياة , وخسارتك كل من حواليكي . .

 

 

الرسالة التالية

bottom of page