
العنوان : وسواس الموت
القسم: #النفسي
الرقم: 26
السؤال:
عندي وحده صحبتي ع طول بتحلم بموت وبتفكر ف يوم القيامه وبعذاب القبر
وده بيخليها تتضايق وتكتئب وهي مش بتصلي اصلا
سنها 18 سنه وده بعد ما قربهاا ماات وحد تعرفه مات بعديه بكام اسبوع
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
الإجابة :
أحد الإضطرابات النفسية الآتية من اسرة الـ (فوبيا) هو ما يسمي "وسواس الموت" , وبالانجليزي (Thanatophobia) وتتنطق "ثاناتوفوبيا" . .
كلمة "ثاناتو" معناها الموت باللغة اللاتيني , "فوبيا" هو الخوف غير المبرر , , فالاضطراب ده ببساطة بيعبر عن الخوف غير الطبيعي من الموت . .
والشخص المصاب بيه ,بيفكر في الموت بشكل دائم و مستمر , ويا اما بيجيب سيرته و بيتكلم فيه , يا اما بس تفكير في باله , و أحيانا في الحالات المتقدمة شوية ,التفكير ده يوقفه انه يعمل حاجات كتيرة , زي الدراسة او الشغل او الخروجات . .
كالعادة مش هنقدر نقول ان صديقتك مصابة بيه , لأن ده محتاج كشف من طبيب و يجري عليها احد الاختبارات , لكن علي الاقل ممكن نقول انها ماشية في الطريق اليه , مالم تتعالج . .
و هنا نسأل سؤال مهم . .
مش التفكير في الموت , شئ اصلا مطلوب في الدين ؟ ومن الحاجات اللي حض عليها الاسلام , وجعلها من علامات الصالحين . .
الاجابة : ايوة كلام سليم . .
طب ازاي بقي بتقول انه مرض نفسي و بتاع و حاجات خطيرة ؟ معني كدة اللي الاسلام أمر بيه شئ هيأذينا ؟ وان اي حد عايز يطبق ده , هيبقي مريض نفسي ؟ ؟
الاجابة سهلة , لا طبعا انتو فاهمين غلط . .
لأن العبرة مش بالتفكير في الموت نفسه ,ولكن بتفكر فيه ازاي . .
فطبعا فيه فرق بين "الشكل المَرَضي" للتفكير في الموت , وبين "الشكل الديني" فيه . .
الأول شئ سلبي و خطير ولازم نتجنبه , والتاني شئ مهم و الدين بيحض عليه . .
والفرق بينهم يتمثل في نقطتين بالتحديد : بتفكر في ايه في الموت , وتأثيره عليك ازاي . .
فبالنسبة للنقطة الأولي , الشكل الغير سليم للتفكير في الموت (مرض وسواس الموت),هو ان الشخص يفكر في القبور و الهياكل العظمية و الدود و الشواهد و الكفن و الاشباح و العفاريت و الارواح . .
واللي طبعا كل ديه جوانب سلبية مش بتعمل اي شئ الا انها تعطيك طاقة سلبية في حياتك , و تأذيك بشكل كبير و خلاص . .
لكن الشكل الإيجابي في التفكير فيه , انك تفكر ان الحياة غير مستمرة للابد , وان كل اللي بتعمله ده هيتم ترجمته الي حسنات او سيئات , وبالتالي لازم اجعل قبري مكان من الجنة او قطعة من النار . .
فالتفكير السلبي "بيخوف و بيرعب" , بينما التفكير الايجابي "بيدفع و بيحمس" . .
وحتي في النوع التاني من التفكير في الموت (الشكل الايجابي) لو فيه شوية خوف , فيكون بالمقدار اللي يحذرك من الحرام , انك تخاف الموت لانه هيكون البوابة اللي هتتحاسب فيها عن اللي عملته في الدنيا , فده ببساطة يدفعك للتوبة . .
كل ده كان النقطة الاولي وهي (بيتم التفكير في ايه) . .
بالنسبة للنقطة التانية (تأثيره ازاي ؟ ؟ )
فالشكل السلبي من التفكير في الموت , بيجعل الشخص يشعر بالرعب من فكرة الموت اساسا , و بتتداخل خيالاته مع هلاوس اضافية من خيالة في رسم صورة مخيفة تظل في خياله لفترة طويلة . .
وبالتالي ده بيجعله في حالة من الفزع المستمر , واللي احيانا بتخليه يتوقف عن ممارسة حياته الطبيعية , وان مارسها فهيكون بقلب واجم , ومشاعر باردة , وعقل مشغول بهلاوسه . .
بينما الشكل الايجابي من التفكير في الموت مختلف تماما . .
الشخص اللي بيفكر في الموت بطريقة ايجابية , بيكون عارف ان الحاجز اللي بيمنعه عن دخول الجنة اللي هو يتمناها هو الموت , وبالتالي مش بيتضايق منه ولا حاجة . .
مش هنقول ان هو هيحب الموت , لان مش بيحب الموت الا شخص قريب جدا جدا من ربنا , لدرجة انه بالفعل زاهد في كل حاجة في الدنيا وده قليل , او شخص يأس من كل حاجة في حياته و عايز يموت في اقرب وقت , وده مش موضوعنا . .
هو مش هيحب الموت , بس مش هيكون بالنسبة شئ مفزع , مش هيترعب من ذكره , ولكن ببساطة هيخليه يتحمس انه يتقرب لربنا اكتر , وانه يعمل لآخرته كأنه يموت غدا . .
فالشكل السلبي للتفكير في الموت , بيكون محتواه شئ مفزع , وأثره سلبي جدا . .
بينما الشكل الايجابي ليه , بيكون محتواه انه متخيل ما عند الله , وأثره انه يتعبد لربنا اكثر . .
ومنقدرش ابدا نتخيل ان الصحابة الكرام , كانو سايبين شغلهم و حالهم و قاعدين في بيوتهم او في المسجد يفكرو في الموت و خايفين و خلاص . .
كانو بيمزجو بين التعبد لله والخوف منه ,مع التجارة و العلم و الزواج والسفر و الترحال و التبسم و الضحك . .
و المشكلة ان بعض المتدينين او الشيوخ , انهم بيخلطو بين ده وده , وبيكونو عايزين يعملو تذكير للناس بالموت عشان الاثر الايجابي ليه , فيستخدم – خطأ ً - النوع الأول . .
ده اللي بيجعل كتير من الناس تنفر من دروس او محاضرات او كتب او مقالات للشيوخ ديه . .
لان الشرح التفصيلي عن (الدود , العظام , القبور المظلمة , وحشة القبر , الكفن , الغسل ,اللحد . . .) الشرح التفصيلي ده متجه تماما في الشكل الأول من التفكير للموت , اللي بيخلي الناس تترعب من غير ما تتوب لربنا . .
بينما لما يتم التذكير بالموت عن طريق كلام زي (حساب الحسنات و السيئات , التوبة الي الله , رحمة ربنا واسعة , ضرورة ترك المعاصي . . ) فده كلام يدفع الناس للتوبة , مش الفزع . .
وبالتالي مفيش تعارض بين وجود اضطراب نفسي مؤذي اسمه "وسواس الموت" , وبين الضرورة الدينية المتعلقة بـ "ذكر الموت"
--------------------------------------------------------------------
طب ماذا عن صديقتك ؟ ؟
واضح انها متأثرة جدا بالنوع الأول مش التاني , بدليل ان ذكر الموت بيخليها تضايق , مش تتمسك بالدين اكتر . .
فهي صدمت بوفاة قريبها ,وبعدها علي طول الشخص اللي تعرفه , فده عمل نوع من الضغط النفسي الكبير علي جهازها العصبي , واللي خلاها تفكر في اتجاهين بالتحديد . .
اولا انها مفتقدة جدا الناس اللي ماتت , وازاي انهم "اتخطفو" من الدنيا , زي ما الناس بتتناول موضوع الموت ,مع ان اللفظ ده غلط . .
الاتجاه التاني انه عملها نوع من التحذير ان الموت ممكن يجيلك انتي كمان في اي لحظة , وده غالبا بييجي لما يموت قدامنا شخص عمره صغير او شاب , وبالتالي ده جعلها تشعر ان هي ممكن تموت في اي لحظة , وهدم عندها اي لذة للتمتع بالحياة . .
ولو كانت هي اكبر شوية , فهيكون عندها نضج اكتر , ونوع من التحمل الاقوي , واللي يجعلها تتجاوز الحزن بعد فترة معقولة . .
لكن لان الموت وصل عندها في سن حرجة نوعا ما , فكان أثره اقوي . .
فهنحاول نذكر عدد من الخطوات اللي لو طبقتها , هتفيدها ان شاء الله في التخلص من القلق اللي اصابها بشكل مستمر . .
- الابتعاد عن ما يذكرها به . .
- الانشغال . .
- الانشطة الاجتماعية . .
- البعد عن مصادر التوتر و القلق . .
- النظام الغذائي السليم . .
- ضبط ساعات النوم . .
- الحرص علي الانشطة المبهجة . .
- التقرب من الله . .